الخبر الذي طالعتنا به الصحف المحلية في الثامن من الشهر الجاري عن تشكيل لجنة مشتركة بين الإدارة العامة للجنسية والجوازات والاقامة بوزارة الداخلية والأمانة العامة للمجلس الأعلى للمرأة تختص بالنظر في طلبات الجنسية التي تتقدم بها المرأة البحرينية لأبنائها، ورفع التقارير عنها إلى صاحب الجلالة الملك، أمر يستحق الاشادة وتقديم الشكر لرئيسة المجلس الأعلى للمرأة الشيخة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة نظراً إلى أهمية هذا الموضوع لدى شريحة كبيرة من النساء البحرينيات اللواتي كبر أبناؤهن وهم محرومون من الخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية ومن فرص العمل والضمان الاجتماعي وكل الامتيازات الأخرى التي يتمتع بها المواطنون.
ومن قبل ذلك صرح وكيل وزارة الداخلية لشئون الجنسية والجوازات عن تشكيل لجنة تبحث الموضوع نفسه وتقدم تقريراً لجلالة الملك في أكتوبر/ تشرين الأول 2004، ولكن يبقى في هذا الموضوع جانب جوهري من المهم التركيز عليه وعدم إغفاله، وهو تعديل قانون الجنسية للعام 1963، معدل العام 1989، الذي يعطي الرجل البحريني الحق في اكساب جنسيته لأبنائه فور ولادتهم، ولزوجته الاجنبية بعد مرور خمس سنوات على الزواج، بينما يحرم المرأة البحرينية ذلك الحق إلا اذا كان الابن مجهول الأب أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً. إذاً فقانون الجنسية البحريني يتعامل مع المرأة كمواطن من الدرجة الثانية، إلى جانب مخالفته لمبدأ المساواة بين المواطنين رجالاً ونساء في جميع الميادين الوارد بنص الدستور البحريني، المواد: (4)، (5أ،ب)، (18).
كما أن انضمام البحرين إلى اتفاق القضاء على اشكال التمييز ضد المرأة كافة، يرتب التزاما على المملكة امام المجتمع الدولي بمراجعة القوانين المحلية المتعارضة مع بنود الاتفاق تمهيدا لتعديلها. صحيح أن مملكة البحرين في توقيعها على هذا الاتفاق تحفظت على المادة (التاسعة) منها، والمتعلقة بإعطاء المرأة المتزوجة من أجنبي حق نقل جنسيتها إلى أبنائها وزوجها، إلا أن الوقت قد حان لرفع هذا التحفظ المتعارض في الاساس مع أطروحات مشروع جلالة الملك الإصلاحي الذي ركز على تمكين المرأة البحرينية واعطائها المكانة اللائقة بها، وعدم تعارضه أيضا مع الشريعة الاسلامية السمحاء، إذ إن تعاليم الدين الاسلامي التي تهدف إلى التيسير على المسلمين في جميع مناحي حياتهم لا تحجب هذا الحق عن المرأة المسلمة.
ونجد تجارب مماثلة وقريبة لتعديل قانون الجنسية في دول عربية شقيقة، حرمت فيها المرأة طيلة السنوات السابقة من هذا الحق، ما سبب معاناة شديدة ومشكلات لا تحصى لها ولأبنائها، وذلك في جمهورية مصر العربية إذ عدل قانون الجنسية لصالح المرأة، ووفق ما ينص عليه الاتفاق الدولي في يونيو/ حزيران 2004، وفي المغرب يناقش البرلمان تعديل قانون الجنسية لصالح إكساب المرأة جنسيتها لأبنائها، ما يعني تصحيح وضع خاطئ تحملت تبعاته المرأة زمنا ليس باليسير.
لذلك مع التقدير الكبير للخطوة التي اقدم عليها المجلس الأعلى للمرأة والتي تعتبر تدبيراً مرحلياً ومؤقتاً لمشكلة حق المرأة البحرينية في منح حنسيتها لأبنائها، إلا أن تعديل قانون الجنسية بهذا الاتجاه هو الضمانة الأكبر لصيانة حق المرأة، وخصوصاً نحن في عهد دولة القانون والمؤسسات، فما يؤسس له بقانون يبقى حقاً ثابتاً لا يمكن لأحد سلبه.
يبقى أن تتكاتف جهود الجمعيات النسائية ومؤسسات المجتمع المدني والمجلس الأعلى للمرأة لأجل تعديل قانون الجنسية المذكور، ومطالبة نواب الشعب بتبني هذا القانون وطرحه في المجلس التشريعي.
كاتبة بحرينية – مريم الرويعي