رؤيتنا... مجتمع واعٍ و مسؤول يتساوى أفراده في الحقوق والواجبات

العمالة المهاجر ة والخطط الوطنية في الخليج

العمالة المهاجر ة والخطط الوطنية في الخليج 

ريم خليفة

 تحكم علاقات العمل بين صاحب العمل والعامل المهاجر في دول الخليج العربية مجموعة من القوانين والانظمة الإدارية التي توكل مسؤولية تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل. وتشكل العمالة الهندية بحدود ثمانية ملايين هندي يعمل في دول الخليج وبدونهم يقف الخليج وهو الامر الذي بدأت تثيره الهند بالسنوات الاخيرة في اجتماعاتها بأروقة لجان الامم المتحدة ومنظمة العمل الدولية.

وتعتبر دول الخليج من أكثر دول المنطقة العربية استخداماً للعمالة المهاجرة، في مشاريع العمران والتنمية، والتي تهدف إلى بناء وتأسيس اقتصاديات وطنية  لتحقيق أسس الرفاهية لأفراد المجتمع. إذ يشكل المورد البشري لهذه العمالة غير المحلية عاملاً أساسيّاً لاقتصاديات هذه الدول.

ومع العام ٢٠٢٠ يتوقع ارتفاع عدد السكان في دول الخليج بنسبة الثلث اذ سيصل إلى 53 مليون نسمة-بحسب تقارير دولية- بحيث تكون الغالبية العظمى منهم تحت سن 25 عاماً.

وقد احتلت العمالة المهاجرة محل الصدارة في إشغال الوظائف المتعددة، في مجال الإنشاءات والبناء خاصة التي لا تحبذ العمالة المحلية شغلها وذلك بسبب كونها تمثل المستوى الأدنى بالنسبة إلى مواطني الخليج مثل مجالات تتعلق بالتنظيف والبناء والزراعة والنقل، وفي كل الأعمال التي تحتاج إلى القوة البدنية، ولا تحتاج إلى المهارة الذهنية أو الخبرة المسبقة.

وتأتي الجنسيات الهندية والباكستانية والبنغلاديشية والسريلانكية والنيبالية والفلبينية الأغلب بين جنسيات هذه العمالة في دول الخليج، أما العمالة المهاجرة من البلدان العربية فتتصدرها مصر وسورية واليمن والمغرب والسودان. وفِي السنوات الاخيرة بدأت عمالة أفريقية واُخرى من دول منطقة البلقان و دول اسيا الوسطى تدخل السوق الخليجية في مجالات الفندقة والضيافة والأمن والبيع  في المجمعات التجارية وهو امر يعتبر في دول خليجية مثل البحرين ، منافسة للمواطن الشاب/الشابة ،الباحث/الباحثة عن عمل في ظل تزايد اعداد الباحثين عن  العمل وهو ما يستدعي الحاجة الى وضع الخطط والاستراتيجيات الوطنية  الملامسة للواقع المعاش من اجل استيعاب حجم السوق في كل بلد خليجي وإعطاء الاولوية  للمواطن.

وبلا شك، فان حجم التحويلات المالية التي تقوم بإخراجها العمالة المهاجرة إلى بلدانها الأصلية، بدأت تكبر شيئاً فشيئاً، مكونة ضغطاً سلبيّاً على اقتصاديات الخليج. فلقد وصل حجم هذه التحويلات إلى ما يقارب 40 مليار دولار سنويّاً، وفي الوقت نفسه تقوم هذه التحويلات من العملات الأجنبية بدعم الاقتصاد في الدول المصدرة لهذه العمالة.

وكانت الهند أول المستفيدين من التحويلات في العام 2008، اذ حصلت على 45 مليار دولار بحسب تقرير الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي الصادر في العام 2008.

وقد ارتفعت هذه النسبة في السنوات الأربع الاخيرة أضعاف ما كانت. لكن مع ارتفاع مستوى الأسعار في العالم بدا الأجر الذي يتقاضاه العامل الهندي في دول الخليج غير مجز كما كان في الاعوام الماضية، ولهذا بدا البديل لزيادة الأجر ليس من خلال العقود المتفق عليها، لكن من خلال تحريك النقابات الهندية داخل المؤسسات والشركات المحلية بدول الخليج التي بدأت تتبنى حق الإضراب لتصل إلى أجور مرتفعة، وأيضا كوسيلة لتذكير رب العمل بضرورة رفع الأجر في وقته المحدد عبر استمرار تحالفات جماعات الضغط من داخل وخارج البلد الخليجي.

وفي البحرين مثلاً، فان الاضراب للعمال المهاجرين لا ينتهي بترحيل العمالة، لكن بتسوية تنتهي بتدخل جميع الأطراف المعنية بما فيها ممثلو النقابات في البحرين ووزارة العمل ورب العمل. ولقد جاء نتيجة  ذلك جهود حثيثة عملت عليها جميع الأطراف المعنية على مدى أكثر من عشر سنوات لتحسين أوضاع العمالة المهاجرة في البحرين مقارنة بدول الجوار الأخرى التي مازالت لا تسمح بعضها بتشكيل نقابات عمالية حتى هذه اللحظة.ايضا هناك مشاكل تطرح على الدوام مثل  قضية إلغاء الكفالة.

 ولهذا من الضروري العمل على مبدأ المساواة ما يعني معاملة العامل المهاجر أسوة بالعامل المواطن دون تمييز .اضف الى ذلك أهمية وضع سياسات عادلة ترمي الى تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة وفي الاستخدام والمهنةوضمان الحد الأدنى من الحقوق المقررة للعمال المهاجرين.

صحيح ان دول مجلس التعاون الخليجي عملت في فترة السبعينات على تعزيز وجود العمالة الأجنبية فيها من اجل تغطية الحاجة إلى الأيدي العاملة الضرورية لإنجاز العديد من المشاريع التنموية، خاصة بعد أن بدأت عوائد الثروات النفطية تشكل حافزاً كبيراً  الا انها بحاجة الى وضع مشاركة العامل المواطن في الاعتبار في التنمية الاقتصادية المحلية  وذلك ضمن مخطط مدروس، خشية من تزايد البطالة وما يترتب عليها من مشاكل مستقبلاً، في دول الخليج التي لا تحظى بقطاع كبير من العمال المحليين في شتى المجالات.

كاتبة صحافية بحرينية

reemkhalifa17@gmail.com

https://www.raialyoum.com/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%AC%D8%B1-%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7/

شاهد أيضاً

رواية ” الخاصرة الرخوة” للكاتب حميل سحلوت

في هذه الرواية الاجتماعية يقرع الكاتب جميل السلحوت قضايا نسائية متنوعة بأسلوب قصَصيّ مشوق، وبلغة …