يطل علينا الثامن من آذار هذا العام وسط الكثير من المتغيرات على الساحة المحلية والساحتين الإقليمية والدولية وأوضاع المرأة تزداد صعوبة وتمارس بحقها العديد من الإنتهاكات ومنها حقها في الحياة والحرية كما وأنها تتعرض لأبشع طرق وصنوف الجرائم والاستعباد الجنسي والجسماني.
وفي الوقت الذي تتعالى فيه المطالبات وتعقد فيه ورش العمل والمؤتمرات الداعية لإنصاف المرأة وتمكينها وحمايتها وتطوير النظم والقوانين لتتلائم مع روح العصر ومتطلباته لازالت المرأة الفلسطينية في الوطن والشتات العنوان الأبرز للإنتهاكات، فحتى اللحظة لا زالت أكثر من 58 فلسطينية محتجزات في سجون الاحتلال الإسرائيلي من بينهن 12 فتاة قاصرة وأمهات أنتزعن من بين أسرهن يعشن في ظروف لا إنسانية وتمارس بحقهن أبشع أساليب القمع والتنكيل والتهديد ويحرمن من العلاج والغذاء. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 15 ألف فلسطينية دخلن المعتقلات والسجون الإسرائيلية منذ العام 1967.
كما أن عدد من جرى إعدامهن ميدانياً على يد جنود الاحتلال والمستوطنين منذ إندلاع إنتفاضة الأقصى الأخيرة 27 شهيدة أخرهن رحيق يوسف من عصيرة الشمالية من بين 295 شهيداً هم أباء وأبناء وأزواج قضوا برصاص الاحتلال منذ أكتوبر 2015 في مؤشر يدلل على حرمان المرأة الفلسطينة من حقها في الحياة من قبل احتلال لا يعترف بأي من المواثيق والأعراف الدولية ولا يقيم لها وزناً ولا يكترث بها لما يتمتع به من دعم وغطاء دولي عموماً وأمريكي على وجه الخصوص.
ولظلم المرأة في فلسطين وإضطهادها أشكال أخرى لا تقف عند قتل وإعتقال أبنائها وزوجها وهدم منزلها وتشريدها في العراء وحرمانها من حقها في الوصول لمراكز الخدمات الصحية والتعليمية ومواقع العمل بفعل الحواجز العسكرية والإغلاقات المتكررة والجدران العنصرية، كما أنها محرومة من العيش الكريم بعد إمعان الاحتلال ومستوطنيه في مصادرة الأرض والمياه الفلسطينية والتضييق على التوسع العمراني ما أفقدها مصدر الرزق والحياة.
وعلى المستوى الداخلي لا زالت المرأة الفلسطينية عرضةً للتهميش وسلب الحياة في ظل التباطيء في تعديل القوانين واللوائح والنظم التي تكفل لها الحماية من العنف المبني على النوع الاجتماعي، وفي هذا الإطار جرى تسجيل حوالي 18 حالة قتل على خلفية ما يسمى بشرف العائلة وفي غالب الحالات نجا القاتل من العقوبات حتى بعد أن تبين أن بعضها كان الدافع أسباباً أخرى.
وفي الشتات ولا سيما في سوريا فإن المرأة الفلسطينية دفعت فاتورة عالية جراء الصراع الدائر هناك فجرى قتلها وحرمانها من حقها في الحياة وتشريدها في المنافي لتصطدم بالقوانين العنصرية التي تقف وراءها أحزاب اليمين والمحافظين في أوروبا وأمريكا والتي تحرمها من الحصول على ملاذات آمنة وليس أخرها قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العنصرية والتمييزية تجاه المرأة وشعوب الجنوب.
إننا في مؤسسة لجان العمل وإذ نحيي المرأة الفلسطينية في يوم المرأة العالمي التي كانت السند والشريك في مراحل النضال والتحرر والوطني ولا زالت فتقدمت قوافل الأسرى والشهداء والمقاتلين وخاضت معترك الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقضائية وتقلدت المناصب رغم الصعاب والمعيقات فإننا لنؤكد على:
1- أهمية دعم صمود المرأة الفلسطينية في وجه سياسات القتل المتعمد وسلب الحرية وهدم المنازل والتشتت الأسري بفعل الجدار والاستيطان والسياسات الإسرائيلية المتعددة والعمل على تفعيل قضيتها على مستوى دولي بما يكفل لها الحماية من خلال الضغط على المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية تجاه حماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية عموماً، ومن بينهم النساء والأطفال على وجه الخصوص.
2- الضغط على صانع القرار الفلسطيني والقوى والأحزاب من أجل تعديل التشريعات والقوانين القائمة ولا سيما قانون العقوبات الأردني لعام 1960 الساري المفعول في فلسطين وتحديثها بما يتلائم مع روح العصر وبما يمكن المرأة في كافة القطاعات ويطلق طاقاتها الكامنة.
3- تغليظ قوة الردع المقوننة تجاه التعدي على المرأة عبر تشريعات تغلظ العقوبات بحق مقترفي جرائم القتل بحق النساء أو من تسول له نفسه القيام بذلك.
4- تكامل الجهود بين كافة القطاعات العاملة مع النساء من أجل تشجيعهن على الاعتراض والإبلاغ عن الإنتهاكات التي يتعرضن لها وعدم السكوت عليها.
5- إلغاء الأسباب المخففة لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى بجرائم الشرف أو أية أعذار أخرى، والإسراع في إنجاز قانون العقوبات والتعامل مع هذه الجرائم كجرائم ضد حياة الإنسان، بغض النظر عن الجنس أو المبررات، وإنزال العقوبات الرادعة بحق القتلة المجرمين.
6- تفعيل دور الإعلام والتدريب للإعلاميين تجاه إنجاز توجهات وسياسات تحريرية حساسة للنوع الاجتماعي ومناصرة لقضايا المرأة ومغادرة الصورة النمطية للمرأة الفلسطينية التي إعتاد الإعلام تقديمها على مدى عقود.
7- تعزيز الشراكة بين جميع المؤسسات التي تؤمن وتعمل على إزالة التمييز ضد النساء وعدم الإكتفاء بموسمية الفعل ورد الفعل لمناسبات أو أحداث بعينها والعمل الدؤوب والجاد وبالتعاون مع مختلف الجهات الرسمية والشعبية والأهلية لتكريس ثقافة المساواة بين الجنسين.
8- مطالبة النظام الرسمي الفلسطيني بتطبيق كافة المعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان والمرأة ووقف كافة السياسات الإقصائية والتمييزية تجاها في العمل والمشارع والقضاء.
عاش الثامن من آذار وعاشت نضالات المرأة الفلسطينية عاش يوم المرأة العالمي يوم النضال النسوي الأممي
6/3/2017